الحريق الذى اشتعل بمصنع أحذية فى عقار ضخم على الطريق الدائرى، يفتح ملف المخالفات فى الإنشاءات من جديد، ولكن هذه المرة نريد حسمًا حول الطريق نفسه، الذى يجب أن نجد له بديلًا من الآن، لأنه سيصبح طريقًا غير صالح للاستعمال خلال سنوات بسيطة.. لأن قيمة الطريق الدائرى، هو أنه منفذ «سالك» لهروب السيارات، من الازدحام الذى يسيطر على شوارع القاهرة والجيزة، لكن ما حدث بعد ما يزيد على 20 عامًا من إنشائه أنه أصبح جزءًا من الأزمة وليس حلًا لها، بسبب فساد المحليات، الذى سمح بالبناء فى حرم الطريق، وبسبب الانفلات الذى حدث عقب ثورة 2011، الذى أدى إلى البناء بالقرب من سور الطريق، فى مشهد مؤلم، لا حل له سوى التفكير من الآن فى طريق بديل، حول الطريق الحالى، حتى نحقق الغرض من تطبيق فكرة الطريق الدائرى، فالواقع الآن، هو أن الطريق الدائرى لم يعد إلا طريقًا مزدحمًا دائمًا، ولكنه مميز بوجود سور حوله!
عندما نقول إن الطريق أصبح فى قلب الزحام ولا يحقق الغرض منه بكفاءة، فنحن ننبه إلى أزمة سنواجهها خلال سنوات، بسبب تواصل ارتفاع الكثافة السكانية حول الطريق، ويكفى أن تعرف أن العقار المشتعل والسبب فى غلق الطريق لعدة أيام، يضم 13 طابقًا على مساحة ألف متر، ويحتوى على 108 وحدات سكنية، وتوجد 15 شقة فقط مأهولة بالسكان، بينما تخلو باقى الشقق من أصحابها، أى أن هذه الشقق مؤهلة للسكنى فى المستقبل، ويحتوى الدور الأرضى والأول والثانى على مصنع ومخزن للأحذية المقلدة، وهذا يعنى أن هناك عمالة تأتى إلى العقار يوميًا مستخدمة الطريق الدائرى، ونحن هنا نتكلم عن عقار واحد، وليس عشرات الآلاف من المنازل المنتشرة حول الطريق، ومخترقة حرمه!
ما نقوله لا يعنى أننا نرفض مشروع توسعة الطريق فى بعض أجزائه، بالعكس هذا عمل جيد، ولكنه مؤقت، لأن الأزمة ستعود عقب زيادة السكان فى المناطق التى تحيط بالطريق، ولذلك يجب التفكير من الآن فى إنشاء طريق بديل، لأن البيوت أصبحت ملتصقة بسور الطريق، أكثر مما سبق، ويكفى أن نقرأ تصريح كامل الوزير، وزير النقل، الذى كشف فيه عن أن «أعداد المنازل التى ستتم إزالتها لتوسعة الطريق الدائرى، تتراوح ما بين 280 و300 منزل» فما بالك بأعداد باقى المنازل، التى لن تقوم الدولة بإزالتها، فهى بيوت داخلها ملايين البشر!
لماذا لا نقوم من الآن بدراسة إنشاء الطريق البديل، بحيث يتحول الطريق الحالى، إلى طريق لا تسير فيه سوى المركبات العامة، مثل أتوبيسات النقل العام الكبيرة، وتتحول «مصاعد ومنازل» الطريق إلى محطات لهذه المركبات العامة، وتركيب سلالم بدلًا من طرق صعود وهبوط السيارات، ولا يسمح للسيارات بالصعود على الدائرى- وتحويلها إلى طرق علوية للمواصلات العامة، وهذا النموذج موجود فى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تجد الأتوبيس العام يسير فوق رأسك، عبر كوبرى لا يمكن لغير الأتوبيس العام بصعوده!
أما الطريق الجديد، فيجب أن يتم التخطيط له بحيث لا تقترب منه المبانى على مسافة خمسة كيلو مترات على الأقل، ويصبح طريقًا للسيارات الخاصة فقط، ويتم تحديد حارات مجهزة للسيارات النقل، للتحرك فى إطارها، ويتم تحديدها بسور يمنع دخول النقل إلى حارات السيارات الخاصة، وهو النموذج الذى تم تنفيذه بالفعل عند تطوير طريق القاهرة الأسكندرية الصحراوى، فلا يمكن لمن يفكر فى صناعة طريق بديل أن يسقط فى تكرار أخطاء الطريق الأول!!
الحادث الذى تسبب فى تعطيل الطريق لمدة يومين، لا يمكن أن يمر دون أن نفكر فى حل أزمة الطريق، الذى أصبح محاطًا بالمخالفات من كل جانب، وعندى ثقة أن كلماتى ستجد صدى، وقد تكون بداية التفكير فى التخلص من الكوارث اليومية التى نسمع عنها على الطريق!!